في يوم من أيام الأحتلال الألف ونيف.. من أيام الأشلاء .. وبقايا بشر كانوا قبل قليل يسيرون على الطرقات .. ويضحكون .. يتغامزون .. يتبادلون التحايا ، قبل ان تنفجر في رتابتهم قنبلة بشرية مجنونة ، لاعقل لها ولا ضمير.. وتحول اعتيادهم المضبوط الى أشلاء وخراب وبقايا لحم بشري متطايرة وملتصقة بالجدران والسيارات المحترقة ..
في هذا اليوم الحار .. الجهنمي من أيام بغداد .. تطاولت على الصيف ..أي نعم فصل الصيف وعاتبته قائلا:
- أما يكفيك أيها الصيف القاسي الجهنمي ماهم فيه من حريق وقصف ودمار واحتلال,..؟؟
رفع عينينه الحمروتان ، الملتهبتان وشرع في البكاء.. حز في نفسي ذلك المشهد وأنا أرى الصيف العظيم بكل جحيمه وجبروته وناره وقوته يبكي كالطفل.. وقلت له :
- وما يبكيك أيها القوي ..؟
رد علي :
-تكفل المحتلون الغزاة والقتله والأنتحاريون والخونة بقتل شبابكم وأنا أتمم المهمة القدرة بقتل شيوخكم ومرضاكم وهم نيام ..!!
رديت عليه :
- مايفعله المحتلون والخونة والقتلة معروف ، ولكن لماذا تقتل أنت شيوخنا ومرضانا..؟!؟
اجاب والدمع في عينيه مهراق:
-وكيف يعيش الشيخ والمريض في هذا الحر الخانق وهو كما تعلم بلا كهرباء ولا ماء ولا .. ولا..!؟
فرديت عليه:
- هذا جيد .. هذا يعني أنك تملك ضميرا حيا .. فلماذا لاتتركهم اذن وترحل فيكفيهم ماهم فيه ..؟؟
لكنه أجابني:
-لا أستطيع والله لاأستطيع ..فأنا مسير ولست مخير .. وعلى كل لم يبقى الا شهر واحد وأغادر..!
ابتعدت عنه وهو يلوح بيده متمنيا لنا شتاءا عاجلا..!
الأربعاء سبتمبر 03, 2008 7:19 am
